اقرأ قصص المرأة التي أُمسكت في زنا (يوحنا 8 : 1-11)، والمرأة الأجنبية التي لديها ابنة بها شيطان (متى 15 : 21-28)، ورئيس العشارين المكروه (لوقا 19 : 1-10)

هل تتوقع أن المسيح الذي أرسله الله يمكن أن يكون صديقاً لمعلمين مُرائين أو صديقاً لخاطئين أو منبوذين؟

عندما تقرأ الكتاب المقدس، سترى أن يسوع دائماً كان يناقض القادة والمعلمين المتدينين، ليس فقط من خلال قوله بأنه هو نفسه التكميل النهائي لشريعة موسى (متى 5: 17-20)، ولكن أيضاً من خلال قضاء وقتاً مع ناس خاطئين، أو بعيدين عن الله.

عندما اتهم القادة المتدينون يسوع بمصادقة الخطاة، قال لهم يسوع:

«لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة الى التوبة». (مرقس 2 : 17)

هذا بمثابة تصريح صادم للأشخاص المتدينين الذين يعتقدون أنهم أكثر "صلاحاً" أو تميزاً عن غيرهم، وبالتالي فهم أقرب إلى الله ويستحقون بركات أكثر من الآخرين، وفي ذلك الوقت أيضاً لم يفهم تلاميذ يسوع ماذا يقصد الله.

تقاوم تعاليم يسوع وأعماله طوال الإنجيل هذا الرأي باستمرار. لا أحد بار في عيني الله. الله قريب من أولئك الذين يشعرون بخطاياهم، ورحمة الله لمن يرى أن رجاءه الوحيد هو في رحمته.


هذا يقدم لنا يسوع مفهوماً جديداً عن ملكوت الله.

1. يسوع والمرأة المحتقرة التي أمسكت في زنا

في أحد الأيام، أحضر القادة المتدينون امرأة زانية ليسوع. لقد خططوا لوقوع يسوع في فخ من خلال أن يحكم عليها بالموت. (يوحنا 8).

فطبقاً لشريعة موسى، كان نتيجة خطيتها هو الموت رجماً، وقد طالب القادة المتدينون يسوع بإجابة نتيجة فعلها.


لكن يسوع رد من خلال انحناءه وكتابة شيء ما على التراب بإصبعه، وقال:

«من كان منكم بلا خطية فليرمها اولاً بحجر!». (يوحنا 8 : 7)

يمثل رد فعل يسوع هذا الرحمة والبركة التي يمنحها للأشخاص المنكسرين. على الرغم من أن هذه المرأة تستحق عقاب الخطية (مثلنا جميعاً)، لكن رأى يسوع الانكسار في حياتها وقدم لها بركة وغفراناً بدلاً من الدينونة التي تستحقها.

ثم انحنى يسوع وبدأ يكتب بإصبعه على الأرض مرة أخرى. بالنسبة للأشخاص الذين كانوا يعرفون شريعة موسى، كانت لفتة يسوع هذه إشارة واضحة إلى كتابة الله الشريعة بأصابعه على الحجارة عندما أعطى الشريعة لموسى (خروج 31 : 18). كان هذا هو القانون ذاته الذي كان القادة المتدينون يستشهدون به عندما طالبوا بقتل الزانية.

رغم اننا لا نعرف ما كان يسوع يكتبه، إلا أننا نرى أن المشتكين عليها لم يبق منهم أحداً، ولم يعودوا يدينون المرأة. قد اختفوا واحداً تلو الآخر، حتى أن يسوع الوحيد هو الذي كان لازال قائماً.

فلما انتصب يسوع ولم ينظر احداً سوى المراة، قال لها «يا امراة، أين هم اولئك المشتكون عليك؟ أما دانك احد؟» فقالت: «لا أحد، يا سيد!» (يوحنا 8 : 10)

أرادها يسوع أن ترى بنفسها أن الناس الذين أدانوها ليس لديهم القدرة على إدانتها، فقط يسوع - الذي بلا خطية – هو من لديه هذا السلطان. فقال لها يسوع:

«ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً». (يوحنا 8 : 11)

الله وحده هو من لديه سلطان الحكم والإدانة، وفي الكتاب المقدس أظهر الله لنا مراراً وتكراراً أنه دائماً يختار الرحمة، لكن المتدينين يميلون في الغالب إلى إدانة الآخرين. يريد الله منا أن نرى أننا لسنا أفضل من هذه الزانية في نظر الله. إن الله يمد رحمته إلى كل من يتكل عليه.

2. يسوع والمرأة الأجنبية غير المستحقة

أعطى يسوع أيضاً الأمل لليائسين والمزدرى بهم. في متى 15 اقتربت امرأة أجنبية (كنعانية) من يسوع، وكانت محتقرة في نظر شعبها، وكانت في حاجة ماسة إلى شفاء ابنتها لأنها كانت مجنونة جداً وبها شياطين. توسلت المرأة بينما حاول الآخرون دفعها بعيداً.

لكن يسوع عرف قلب هذه المرأة، واختبر إيمانها بتعبيرغريب للغاية:

«ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب». (متى 15 : 26)

كان يسوع يستشهد بنظرة شعبية سائدة في ذلك الوقت وهي: أن بركة الله كانت فقط لشعب "بني إسرائيل" - الشعب المختار من الله - ومثل العديد من المتدينين اليوم، كانوا يعتقدون أنهم أفضل ويستحقون بركة من الله أكثر من الأجانب أو الأمم ("الكلاب" كما كانوا يوصفون). طبعاً نظرة الله كانت مخالفة لهذه النظرة المتكبرة.

كان رد يسوع فظًاً وبلا قلب! لكنه كان يعرف قلب هذه المرأة.

لم تتأذى المرأة على الإطلاق، لأنها كانت تعرف قلب الله أيضاً! بل استمرت في التوسل من أجل الرحمة بثقة وإيمان كبير، حتى أنها كانت تتماشى مع فكاهة يسوع!

«نعم يا سيد. والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها». (متى 15 : 27)

لقد فهمت أنه على الرغم من أن الله قد اختار بني إسرائيل لتحقيق الخلاص، فإن قوة الله ورحمته كانت للبشرية جميعاً.


بعبارة أخرى كانت المرأة تقول: "أعلم أنني لا أستحق نعمتك، لكن نعمتك تكفي حتى لشخص لا يستحق مثلي!"


هذا الفهم العميق الذي كان لدى المرأة الأجنبية هو الذي دفع يسوع إلى تكريمها، "يا امراة عظيم إيمانك! ليكن لكِ كما تريدين». (متى 15 : 28) وشُفيت ابنتها على الفور!


لا يعتمد الخلاص على مدى صلاحك، بل على مدى صلاح الله.

3. يسوع ورئيس العشارين المكروه


غالباً ما تمنح رحمة الله لأكثر الناس غير توقعاً في حياتنا. كان هناك رئيس عشارين (جامع ضرائب) في لوقا 19 يدعى زكا يبحث عن يسوع بشغف. تصفه هذه القصة بأنه كبير مسؤولي الضرائب الأثرياء. عُرف جامعو الضرائب بالغش وسرقة أموال الناس لتجميع ثرواتهم، لذا كانوا من بين أكثر "الخطاة" المكروهين.

كان زكا حريصاً على رؤية يسوع، لذا صعد على شجرة حتى يستطيع أن يراه جيداً. وعندما وصل يسوع، نظر وراء خطيته، نظر إلى قلبه. نظر يسوع إلى فوق وقال:

"يا زكا أسرع وأنزل لأنه ينبغي ان أمكث اليوم في بيتك". (لوقا 19 : 5)

يسوع يمكث في بيت خاطئ؟! دعا يسوع نفسه ليأكل مع خاطئ؟!


استقبل زكا يسوع في منزله بفرح وتواضع، بينما تذمر الناس من حوله في اشمئزاز.


ماذا تلاحظ بالنسبة إلى التغيير الذي أحدثه يسوع في زكا؟ لم يطلب منه يسوع أن يتوب أو يتغير، لكن قام زكا وقال:

ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف». (لوقا 19 : 8)

قبول يسوع لزكا أثر فيه وغيّر قلبه. ما كان يستعبد زكا من قبل (المال والسلطة) لم يعد جذاباً بالنسبة له، حتى أنه كان على استعداد لأن يكون فقيراً!

لقد وجد زكا أثمن هدية في الحياة: قبول الله وخلاصه! احتفل يسوع بهذا الخلاص مؤكداً أن الخلاص قد حل الآن في بيت زكا.

«اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو ايضاً ابن ابراهيم، لأن ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك». (لوقا 19: 9)

توضح لنا هذه القصة التحول الذي يحدث في داخلنا عندما يدخل الله حياتنا.

كيف يختلف يسوع عن الديانات الأخرى


تعلم العديد من الديانات أننا بحاجة إلى استخدام جهودنا الخاصة للتغيير أولاً، وإن كنا جيدين بما فيه الكفاية، فنأمل أن يقبلنا الله.

لكن يسوع أظهر لنا العكس تماماً: لا يوجد أحد صالح بما فيه الكفاية، لكن الله أحبنا أولاً وقدم الذبيحة النهائية عن خطايانا بإرسال يسوع المسيح له المجد ليتألم ويموت عنا على الصليب. (يوحنا 3 : 16).

فقط كما أعلن الله للأنبياء إبراهيم وموسى وداود وإشعياء ودانيال، يقبلنا الله بسبب الذبيحة التي أعدها الله بنفسه. يجذبنا ويغير قلوبنا، وعندما نقبل عطية الخلاص، تتغير حياتنا بمحبة الله وقدرته، ويحررنا هذا اللقاء مع الله من عبودية خطايانا.


هذا بالضبط ما حدث لزكا عندما دعا يسوع نفسه للدخول إلى حياته وتغييرها.

وضح لنا يسوع أن ملكوت الله يدور حول قبول الخاطيء للفداء الحقيقي والخلاص. لا يتعلق الأمر بعمل الخير لإرضاء الله، بل إن الأعمال الصالحة تأتي من قلب متغير بعد معرفة الله التي يمنحنا الله إياها من السماء.


استجابتك: استمع إلى صوت الله وصلِّ...


1. كيف تغير قراءة قصص الخلاص الثلاث طريقة تفكيرك نحو:

أ. الخطاة؟

ب. نفسك؟

ج. الله؟


2. هل تؤمن أن الله سوف يقبلك اليوم؟ ما هو السبب الذي تتمسك به، والذي من خلاله يقبلك الله؟


3. كيف تريد أن تتجاوب مع الله اليوم؟


4. مع من ستشارك هذه القصص الثلاثة؟